السيرة النبوية – 16 –
عندما أوحي لمحمد
بالهجرة الى المدينة، طلب من صديقه أبي بكر الصديق مرافقته ، وليلة الهجرة أسر الى علي بن أبي طالب أن يتسجى بردة الحضرمي الأخضر وأن ينام في
فراشه، وأمره أن لا يغادر مكة حتى يرد الودائع التي كانت عند النبي إلى
أصحابها.
في منتصف الليل
خرج محمد وصاحبه وانطلقا الى غار
ثور، ولم يعلم بمخبئهما إلا عبدالله بن أبي بكر وأختيه عائشة وأسماء
ومولاهم عامر بن فهيرة. وأقاما بالغار لمدة ثلاثة أيام.
وأقبل فتيان قريش
من كل بطن رجل ، بأسيافهم وعصيهم وهراواتهم يبحثون عنهم في كل الأنحاء. وسألوا راعيا
على مقربة من الغار. فقال قد يكونا بالغار لكني لم أر أحد دخل الغار. وتسلق أحدهم
الى الغار ثم عاد، فسأله أصحابه (1) إن كان قد نظر داخل الغار؟؟
فأجاب :إن عليه
العنكبوت من قبل ميلاد محمد ، وقد رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن
ليس أحد فيه.
وزاد إقتناع القرشيين من عدم وجود أحد بالغار الشجرة التي
تدلت فروعها الى فوهة الغار ، وأنه لا يمكن الدخول للغار دون إزالة الفروع.
وفي مطاردة قريش
محمد وفي قصة الغار نزل قوله تعالى (2):
"وإذ يمكر بك
الذين كفروا ليثبتوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" وقوله عز وجل (3):
"إلا تنصروه
فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني
إثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينتة عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل
كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم"
وفي اليوم الثالث
خرجا من الغار بعد أن تم إحضار بعيريهما وأتتهما أسماء بالطعام. ولما
إرتحلا لم تجد أسماء ما تعلق به الطعام والماء في رحالهما، فشقت نطاقعا
وعلقت الطعام بنصفه وانتطقت بالنصف الثاني ، فسميت "ذات النطاقين".
وأمضى محمد
والصديق ودليلهما طيلة الليل وصدر النهار على رواحلهم، غير آبهين بالمشقة والتعب.
وكانت قريش كانت قد رصدت مائة ناقة
كجائزة لمن يدلها على مكان محمد . ولما سمع سراقة بن مالك بن جعشم أحد
الأعراب يقول إنه رأى ركبة ثلاثة مروا يعتقدهم محمد وبعض أصحابه، قال له إن هذا
غير صحيح وأن الذي رآهم الأعرابي هم بنو فلان... وذلك حتى يضلل قريش ويفوز
بالمائة ناقة.
ومكث قليلا معه ثم
عاد الى بيته ، أخذ سلاحه واتجه الى المكان الذي أشار إليه الأعرابي، وأثناء
الطريق كبا جواده كبوتين لشدة ما جهده. ولما رأى محمد وصاحبه وأدرك أنه
وشيك النجاح نسي كبوتي جواده ولزه ليصلهم بأسرع وقت، إلا أن الجواد كبى كبوة عنيفة
ألقى الفارس وسلاحه أرضا. وتشائم سراقة وعاهد محمد وصاحبه أن لا
يأتيهم أي مكروه منه وطلب من محمد أن يكتب له كتابا يكون آية بينه وبينه .
وعاد أدراجه وأخذ يضلل من كان يطارد محمد.
وكان المسلمون في المدينة
بانتظار محمد بفارغ الصبر ولما وصل بعد رحلة استغرقت سبعة أيام متتالية . فرج أهل المدينة
برؤيته وعرض عليه رجال من سادة المدينة أن يقيم عندهم. فاعتذر وامتطى ناقته
وانطلقت في طرق يثرب الى أن وقفت عند مربد لغلامين من بني النجار
وبركت.
نزل الرسول عنها
وسأل لمن هذا المربد؟؟
فأجابه معاذ بن
عفراء : إنه لسهل وسهيل إبني عمرو وهما يتيمان له وسيرضيهما، ورجا محمد
أن يتخذه مسجدا. وقبل محمد وأمر أن يبنى في ذلك المكان مسجده وأن تبنى
داره.
ونتابع في الأسبوع القادم الحالة الإجتماعية والإقتصادية في يثرب ....
ونتابع في الأسبوع القادم الحالة الإجتماعية والإقتصادية في يثرب ....
(1)
محمد
حسين هيكل ، حياة محمد ص 211
(2)
سورة
الأنفال آية
3
(3)
سورة
التوبة آية 40
No comments:
Post a Comment