السيرة النبوية - 4 -
فكر عبد المطلب
بأنه يجب أن يجد لإبن لأخيه سبيل للرزق فعرض على خديجة بنت خويلد التي كانت تستأجر
رجالا من قريش لتجارتها، أن تستأجر محمدا على أن تعطيه أربعة بكار . فأجابت
:"لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا، فكيف وقد سألته لحبيب قريب"
وخرج محمد مع ميسرة غلام خديجة
وأحيت هذه الرحلة فيه ذكرى رحلته مع عمه وزادته تأملا وتفكيرا في كل ما رأى وسمع
عن العبادات والعقائد بالشام أو الأسواق المحيطة بمكة. واتصل ببصرى بنصرانية الشام
وتحدث إلى رهبانها وأحبارها. وعاد محمد الى خديجة بتجارة رابحة .
وأخبرها ميسرة بشمائل وجمال نفس محمد. وحدثت أختها وصديقة لها تدعى نفيسة
بنت منية عن رغبتها بالزواج من محمد وهي التي رفضت العديد من أشراف
قريش. وتم الزواج بحضور أعمام محمد وزوجها عمها عمر بن أسد. لأن
والدها كان قد مات قبل حرب الفجار. وكان الصداق عشرين بكرة، وانتقل الى العيش في
بيتها. ورزق منها بالقاسم وعبدالله وزينب
ورقية وأم كلثوم وفاطمة. إلا أن القاسم وعبدالله ماتا طفلين في
الجاهلية.
(أما إبراهيم فهو إبن ماريا
القبطية)
وعاش محمد حياة طمأنينة وكان كثير
التأمل والتفكير ولا يفضي الى غيره ما يجيش بنفسه من آثار تفكيره وتأمله.
وكان من عادة العرب أن ينقطع مفكروهم للعبادة
زمنا في كل عام يدعى التحنث أو التحنف ، ووجد في غار حراء خير مكان للإنقطاع والتحنث.
فكان يقضي شهر رمضان من كل سنة مع
القليل من الزاد ممعنا في التأمل والعبادة.
وفيما هو نائم بالغار يوما جاءه ملك وفي يده
صحيفة فقال له: إقرأ ومحمد يجيبه ما أقرأ
؟
*قال الملك" إقرأ بإسم ربك الذي خلق،
خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم" فقرأها وانصرف الملك عنه.
وعاد محمد الى البيت وحدث خديحة بما رأى وقالت له :" أبشر يا بن عم واثبت،
فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.والله لا يخزيك أبدا، إنك
لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقوي الضعيف وتعين على نوائب الحق".
وفي** السيرة النبوية لإبن هشام عن أبن
إسحق:
أن ميسرة
أخبر خديجة عن أخلاق محمد ، وقال لها أنه نزل قريبا من صومعة راهب
من الرهبان، فسأل الراهب ميسرة من هذا الرجل، فأجابه أنه رجل من قريش من أهل الحرم
. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي.
يقول إبن إسحق: أن خديجة عرضت على محمد الزواج من
غير وساطة ويذهب غيره الى أنها طلبت من نفيسة بنت منية أن تسأله.
*
حياة محمد، محمد حسين هيكل ص 133
**السيرة
النبوية، إبن هشام . الجزء الأول ، ص 199
No comments:
Post a Comment