Thursday, August 11, 2016

السيرة النبوية





السيرة النبوية (20)

تحدثنا عن البر والرحمة عند سيدنا محمد والتي لم تكن رحمة ضعف ولا إستكانة، ولم تشبها شائبة مَن ولا إستعلاء. إنما كانت إخاء في الله بين محمد وكل الذين إتصلوا به.
الإسلام يضع العدالة إلى جانب الإخاء ويرى أن الإخاء لا يكون إخاء إلا به (1): " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"   (2) : "ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب"

وكان محمد المثل الأعلى في القوة على الحياة، حتى قال أحدهم: إن محمد يعطي عطاء من لا يخشى فاقة. فلقد كان الرسول شديد الزهد، وبلغ من زهده أنه لم يكن يشبع قط، ولم يكن يأكل خبز الشعير يومين متوالين، وكان التمر طعام سائر يومه. ولقد عانى الجوع غير مرة وكان يشد على بطنه حجرا يكظم به صيحات معدته.
وهذا لم يمنعه من أن يتناول أطايب الرزق، فكان يحب زند الخروف والقرع والعسل والحلوى، وبلغ من زهده في اللباس أن أعطته إمرأة ثوبا كان بحاجته، فطلب أحدهم منه كفنا يصلح لميت، فأعطاه الثوب على الرغم من حاجته إليه. على أنه كان أحيانا يلبس من أنسجة اليمن لباسا فخما إذا اقتضاه المقام.
ولم يكن هذا الزهد من فرائض الدين فقد جاء في القرآن: (3) "كلوا من طيبات ما رزقناكم" .
إنما أراد محمد أن يضرب مثلا في القوة على الحياة، قوة لا يتطرق لها ضعف ولا يستعبد صاحبها سلطان او مال.

روي عن على بن أبي طالب (4) أنه سأل الرسول عن سنته فقال: "المعرفة رأسمالي، والعقل أصل ديني، والحب أساسي ، والشوق مركبي ، وذكر الله أنيسي والثقة كنزي ، والحزن رفيقي ، والعلم سلاحي والصبر دوائي والفقر فخري، والزهد حرفتي ، واليقين قوتي ، والصدق شفيعي والطاعة حسبي والجهاد خلقي وقرة عيني الصلاة" 
تركت تعاليم محمد هذه وترك مَثَله وقدوته في النفوس أعمق الأثر وازداد المسلمون في المدينة شوكة وقوة.
وبدأ اليهود يفكرون من جديد في موقفهم من محمد وأصحابه.

(1) سورة البقرة آية 194
(2) =            آية 179
(3) =            آية 57
(4) محمد حسين هيكل ، حياة محمد ص 233


No comments:

Post a Comment