Friday, March 11, 2016

السيرة النبوية


السيرة النبوية -7 - 


ازدادت إساءات قريش لمحمد وأصحابه، وتم تعذيب بلال مؤذن الرسول بإلقاءه على الرمل ووضع حجر على صدره تحت الشمس المحرقة لا لشيء الا لأنه أصر على الإسلام. واحتمل بلال العذاب الى أن رآه أبو بكر فاشتراه وأعتقه. واشترى ابو بكر عددا من الموالين الذين كانوا يعذبون.
ولم يسلم محمد من اساءات قريش، فكانت أم جميل زوج أبي لهب تلقي النجس أمام بيته، فيكتفي محمد بإزالته. ومر أبو جهل يوما بمحمد فآذاه وشتمه فأعرض عنه محمد ولم يكلمه. وعندما علم حمزة عم محمد وأخوه بالرضاعة ما أصاب إبن أخيه. ذهب الى الكعبة ودخل المسجد فألفى أبا جهل واتجه نحوه وضربه وشج رأسه وأعلن إسلامه وعاهد محمد على نصرته والتضحية في سبيل الله حتى النهاية. 0(1)
وعندما زاد أذى قريش، أشار عليهم محمد الى المسلمين أن يتفرقوا في الأرض ونصحهم بالذهاب الى الحبشة المسيحية (2) قائلا: " فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد, وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه".
فخرجوا في هجرتين: كانوا في الأولى أحد عشر رجلا وأربع نساء وأقاموا مدة حتى سمعوا ان المسلمين أصبحوا بمأمن من أذى قريش فعادوا الى مكة. ولكنهم وجدوا أن أذى قريش صار أكبر فعادوا الى الحبشة في ثمانين رجلا غير نسائهم وأطفالهم،وأقاموا بها الى ما بعد هجرة النبي الى يثرب. وكانت هذه الهجرة أول هجرة في الإسلام.
وأرسلت قريش الى نجاشي الحبشة عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة بالهدايا كي يرد المهاجرين من أهل مكة الذين تركوا ديانة آبائهم ولم يدخلوا الديانة المسيحية واصفين المهاجرين بغلمان سفهاء. وكان الرسولان قد اتفقا مع بطاركة النجاشي بعد أغراقهم بالهدايا بأن يعاونوهما على رد المهاجرين دون أن يستمع االنجاشي الى كلامهم.  فأبى النجاشي وبعث في طلبهم وسألهم عن هذا الدين.
فقال له جعفر بن أبي طالب:
(3) "أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي الضعيف الى أن بعث الله إلينا رسولا منا فدعانا الى الى الله لنوحده ونعبده. وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم  وحسن الجواروالكف عن المحارم ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله لا شريك له. وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. فعذبنا قومنا ليردونا الى عبادة الأوثان فلما قهرونا و ضيقوا  وحالوا بيننا ووبين ديننا خرجنا الى بلادك واخترناك على من سواك،  ورغبنا في جوارك ورجونا ان لا نظلم عندك.
وطلب النجاشي منهم قراءة شيء مما أنزل الله. فقرأ عليه سورة مريم من أولها الى قوله تعالى:
(4)(فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا. قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا. والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) 
فلما سمع البطاركة هذا الكلام قالوا هذه كلمات تصدر من النبع الذي صدرت منه كلمات سيدنا يسوع المسيح. وقال النجاشي:  (5) " إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة. إنطلقا والله لا اسلمهم اليكما."
وتبين للنجتشي أن هؤلاء المسلمين يعترفون بغيسى ويقرون النصرانية ويعبدون الله، ووجد المسلمون في جوار النجاشي الأمن.
نقف الآن لنتابع في الأسبوع القادم ماذا قالت كتب السيرة الأخرى عن الهجرة الأولى ,,,,,


(1)محمد حسين هيكل ، حياة محمد ص 152
(2)المصدر نفسه ص 153
(3)المصدر نفسه ص 155
(4)سورة مريم الآيات 29 – 33
(5) محمد حسين هيكل ، حياة محمد ص 156 

No comments:

Post a Comment