السيرة النبوية

السيرة النبوية -6-

تعلم محمد الصلاة وعلمها للسيدة خديجة وفي أحد الأيام دخل عليهما علي بن أبي طالب وهما يصليان، فسألهما لم تسجدان؟؟ فأجاب محمد نسجد لله الذي بعثني نبيا وأمرني أن أدعو الناس. ودعاه الى عبادة الله. فاستمهله علي ليستشير والده.

وفي صباح اليوم التالي، جاء الى محمد قائلا:  (1)" لقد خلقني الله من غير أن يشاور أبي طالب، فما حاجتي الى مشاورته لأعبد الله."

ودعا محمد صديقه أبو بكر الصديق لترك الأصنام وعبادة الله، واستجاب له، وأذاع أبو بكر بين أصحابه إيمانه بالله ورسوله. وصار يدعو من يثق به الى الإسلام، فتبعه عثمان بن عفان، عبد الرحمن بن عوف، طلحة بن عبيد الله ،وسعد إبن أبي وقاص والزبير بن العوام. وكان كل من يسلم يذهب الى محمد ويعلن إسلامه ويتلقى التعاليم منه.

وانتشر أمر محمد  في مكة ، وظن أهل مكة أن حديث محمد لن يزيد عن حديث الرهبان والأحبار وأن الناس سيعودون الى دين آبائهم وأجدادهم.

وبعد ثلاث سنوات أمر الله الرسول أن يظهر ما خفى من أمره ونزل الوحي:  (2)"وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين. فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ."  (3) :"فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين"

ودعا محمد عشيرته الى طعام في بيته، ودعاهم الى الإسلام. فقطع عمه أبو لهب حديثه وقام وطلب من الجميع القيام.

ثم دعاهم محمد في اليوم التالي وبعد الطعام حدثهم عن الإسلام قائلا لقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وأمرني ربي أن أدعوكم اليه. فأعرضوا عنه إلا على بن أبي طالب – ويقال أنه كان في العاشرة من عمره (4) قال: " أنا يا رسول الله عونك أنا حرب على من حاربت"

(5)وانتقل محمد بدعوته من عشيرته إلى أهل مكة جميعا. صعد الى الصفا ونادى معشر قريش قائلا:أرأيتكم لو اخبرتكم ان خيلا تخرج من سفح  هذا الجبل ، أما كنتم تصدقوني؟؟ قالوا بلى ماجربنا عليك كذبا. فقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك ، ألهذا جمعتنا؟؟ ثم قام.

فأنزل الله تعالى" تبت يدا أبي لهب وتب"

ولم يعبأ الناس بغضب ابي لهب، ولم يمر يوم إلا أسلم فيه بعضهم لله وجهه. وكان الزاهدون في الدنيا أشد على الإسلام إقبالا، وهم قد رأوا محمد في غنى عن مال خديجة وماله ولا يدعو الى الإكثار من المال، بل يدعو الى الحب والعطف والمودة والتسامح.  (6) "ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر. كلا سوف تعلمون.ثم كلا سوف تعلمون. كلا لو تعلمون علم اليقين. لترون الجحيم. ثم لترونها عين اليقين. ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" 

وتمادى أهل قريش بالإساءة الى محمد  إذ بدأوا يخافون على مكانتهم ، فحاربوه في البداية في الشعر، ثم أخذوا يسألوه عن معجزاته وويسألونه لم لا يوحي اليه ربه أثمان السلع حتى يضاربوا على المستقبل؟؟؟فرد الوحي بقول الله تعالى: (7)" قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير للقوم يؤمنون" 

وطلب أشراف مكة من عمه أبو طالب أن يكف إبن أخيه عنهم بعد أن سخر من آلهتهم وعابها   فقال له محمد: (8)" والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته."  

وقف العم مبهوتا من كلام محمد فقال له: (9) "إذهب يا إبن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء تكرهه أبدا"

(1)   محمد حسين هيكل ، حياة محمد ص 140

(2)   الشعراء الايات 214 -216

(3)   سورة الحجر آية 94

(4)   محمد حسين هيكل ، حياة محمد ص 142

(5)   محمد أحمد جاد المولى، محمد المثل الكامل(دمشق، بيروت: المطبعة الأموية 1972) ص 86

(6)   سورة التكاثر

(7)   سورة الأعراف آية 188

(8)   محمد حسين هيكل ، حياة محمد ص 146

(9)   المصدرنفسه ص 147