Friday, April 22, 2016

السيرة النبوية




السيرة النبوية - 13 –

"سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" سورة الإسراء 1
وسنتحدث فيما يلي عن الإسراء والمعراج  سنة 621 م وما جاء في بعض كتب السيرة وما قال أصحاب محمد عن تلك الليلة.

تقول إبنة عمه هند إبنة أبي طالب (1) :"إن رسول الله نام عندي تلك الليلة في بيتي فصلى العشاء الآخرة ثم نام ونمنا. فلما كان الفجر أهبنا رسول الله ، فلما صلى الصبح وصلينا معه قال: يا أم هاني لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثم صليت الغداة معكم الآن  كما ترين. فقلت له : يا نبي الله لا تحدث به الناس فيكذبوك ويؤذوك. قال: والله لأحدثنهموه". حياة محمد 
أما السيدة عائشة فقالت (2): ما فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الله أسرى بروحه.    وفي (3)كتاب خاتم النبيين يقول : أن السيدة عائشة قالت: " لم نفقد بدنه" مع أن إجماع المؤرخين والمحدثين على أنه لم يبن بها إلا في المدينة. 

يقول المستشرق(4)  درمنجم هذه القصة معتمدا على ما جاء في مختلف كتب السيرة : أن النبي استيقظ على صوت جبريل وفي يده دابة عجيبة هي البراق اعتلاها النبي وانطلقت به فوق جبال مكة متجهة الى الشمال، ووقف  به عند  جبل سيناء وفي بيت لحم وبلغ بيت المقدس  حيث قيد الرسول دابته وصلى معه إبراهيم وموسى وعيسى. ثم أتي بالمعراج فارتكز على صخرة يعقوب وعليه صعد سراعا الى السموات. في السماء الأولى ألقى محمد السلام على آدم، و لقي في السماوات الست الأخرى نوحا وهارون وموسى وإبراهيم وداود وسليمان وإدريس ويحيى وعيسى. ورأى ملك الموت عزرائيل ، ورأى ملك الدمع وملك النقمة، وملك آخر ضخم نصفه ماء ونصفه نار. وكان في السماء السابعة مقر أهل العدل ملك أكبر من الأرض. ثم إرتفع الى سدرة المنتهى ، وأحس بنفسه يرتفع الى حيث المولى عز وجل ، فشعر أن الأرض والسماء مجتمعتان لا يكاد يراهما، وكأنما ابتلعهما الفناء فلم ير منهما الا حجم سمسمة في مزرعة واسعة. هنا أمر الله  عبده أن يصلي كل مسلم خمسين صلاة في اليوم ثم نقصت الى أربعين ثم الى خمس صلوات بعد أن نصحه موسى أن يطلب من الله أن ينقص الصلوات.

وفي سيرة إبن هشام (5) على لسان النبي عليه السلام بعد أن لقى آدم في السماء الأولى أنه قال:" رأيت رجال لهم مشافر كمشافر الإبل ، وفي أيديهم قطع من نار كالأفهار يقذفونها في أفواههم فتخرج من أدبارهم فسأل النبي جبريل من هم ؟؟ قال له : هؤلاء أكلة مال الأيتام ...إلخ....

ويقول هيكل هناك الكثير من القصص التي تروى ويحق للمؤرخ أن يتسائل عن مبلغ التدقيق والتمحيص وما يمكن أن يسند للنبي بسند صحيح وما يمكن ان يكون من خيال المتصوفة وغيرهم.
سواء كان المعراج والإسراء بالجسم ، أم كان المعراج بالروح والإسراء بالجسم، أم كان المعراج والإسراء جميعا بالروح فلا شك أن لكل رأي من هذه الأراء سند عند أصحابه ولا جناح على من يقول بواحد دون غيره من الآراء. (6) والإسراء بالروح هو في معناه كالإسراء والمعراج بالروح جميعا سموا  وجمالا وجلالا. فهو تصوير قوي للوحدة الروحية من أزل الوجود الى أبده. زيارة جبل سيناء حيث كلم الله موسى، بيت لحم حيث ولد المسح، الصلاة التي ضمت محمد وعيسى وموسى وإبراهيم مظهر قوي لوحدة الحياة الدينية على أنها من قوام وحدة الكون.

ويقول الندوي (7) "لم يكن الإسراء مجرد حادث فردي بسيط ، بل اشتملت الرحلة النبوية على معان عميقة دقيقة كثيرة. فكما جاء في سورتي الإسراء والنجم إن محمد هو نبي القبلتين، وإمام المشرقين والمغربين، وارث الأنبياء قبله ، وإمام الأجيال بعده، فقد التقت في إسرائه مكة بالقدس ، والبيت الحرام بالمسجد الأقصى، وصلى الأنبياء خلفه، فكان هذا ايذانا بعموم رسالته وخلود إمامته وإنسانية تعاليمه، وصلاحيتها لإختلاف المكان والزمان. "

ولما حدث محمد أهل مكة عن الإسراء والمعراج لم يدركوا معنى الرحلة ولم بصدقوا أنه ممكن أن يذهب في ليلة واحدة ويعود وارتد كثير ممن أسلم. وسأل عدد منهم أبي بكر الصديق عن صحة الرحلة. وأجابهم :  (8) والله لئن كان قد قاله لقد صدق .

وفي  (9) مختصر السيرة ، يقول المؤلف: أسرى برسول الله بجسده على الصحيح من المسجد الحرام الى بيت المقدس راكبا البراق صحبة جبريل عليهما السلام. ويقول ان الصحابة اختلفوا إن كان النبي قد رأى ربه في تلك الليلة أم لا؟؟ يقول إن السيدة عائشة وإبن مسعود أنكرا ذلك. وأن إبن خزيمة عن أبي ذر قال: رآه بقلبه، ولم يره بعينه.

وفي كتاب (10) خاتم النبيين يقول المؤلف ان الإسراء كان في السنة التي كانت قبل الهجرة، واختلف  الفقهاء في الشهرالذي أسرى به فيه. وروي عن جابر وإبن عباس أنهما قالا: ولد رسول الله في الإثنين للثاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه عرج الى السماء ،  وفيه هاجر ، وفيه مات.
وفي رواية أن الإسراء كان في السابع والعشرين من رجب، وفي كتاب نهاية الأرب أن الإسراء كان في ليلة السبت، ليلة سبع عشرة من رمضان، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا. الخلاصة هي أن علماء السيرة مختلفون في تحديد اليوم، ولكن الواقعة ثابتة، والجميع اتفقوا أنها بعد عودة النبي من الطائف. ويخلص المؤلف الى أن الإسراء كان بالجسد والروح.



(1)   حسين هيكل ، حياة محمد ص 189
(2)   المصدر نفسه ص 189
(3)   خاتم النبيين.الشيخ محمد ابو زهرة. الجزء الأول ص566
(4)   المصدر نفسه ص 190
(5)   السيرة النبوية، إبن هشام . الجزء الثاني ص 47
(6)   حسين هيكل ، حياة محمد ص 193
(7)   أبو الحسن على الحسني الندوي، السيرة النبوية.المطبعة العصرية للطباعة والنشر. د.ت ص 169
(8)   حسين هيكل ، حياة محمد ص 196  
(9)   الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. المطبعة السلفية – ومكتبتها :القاهرة  1379
(10)                    خاتم النبيين.الشيخ محمد ابو زهرة. الجزء الأول ص567


No comments:

Post a Comment