Friday, April 8, 2016

السيرة النبوية




السيرة النبوية – 11 –

ظل محمد وأصحابه خاضعين لمقاطعة قريش تبعا لما جاء في الصحيفة  لمدة ثلاث سنوات ، (1) وقد كان أبو جهل قد التقى بحكم بن حزام أبن خويلد وهو يحمل قمحا لعمته خديجة بنت خويلد وكانت برفقة محمد في الشعب ومنعه من إرسال القمح مهددا بفضحه في مكة وتدخل أبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد طالبا منه إخلاء سبيله.  وكان يسمح للمسلمين بالنزول من الشعاب  الى مكة في الأشهر الحرم فقط، حيث لا تعذيب ولا إعتداء ولا انتقام.
وكان محمد يحدث العرب ويدعوهم الى دين الله ويبشرهم بثوابه وينذرهم من عذابه. إلا أن طول المدة وقسوة قريش على محمد وأصحابه جعل عدد كبير من أهل قريش يشعرون بفداحة ما ارتكبوا من ظلم وقسوة بحق محمد وأصحابه. ولقد كان هشام إبن عمرو من أكثر الناس عطفا على المسلمين، فكان يرسل لهم الطعام ، ولما ضاق بما يحتمل محمد وأصحابه من الأذى، سأل زهير بن أبي أمية وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب قائلا:  (2) " أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك لا يبتاعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم؟؟؟
وتعاهدا على نقض الصحيفة، واتفق معهم المطعم بن عدي وأبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود.
وطاف زهير بالكعبة وحث الناس على نقض الصحيفة وعارضه أبو جهل لكنه رضخ لما رأى زمعة و وأبو البختري والمطعم وهشام بن عمرو يؤيدون زهير وأدرك أنهم التفقوا عليه وان مخالفتهم قد تثير شرا.
وقام المطعم ليشق الصحيفة فوجد الأرضة قد أكلتها إلا فاتحتها "باسمك اللهم".
وقال بعض كتاب السيرة  أن الذين قاموا بنقض الصحيفة ذهبوا الى محمد يسألونه منعا للشر أن يتصالح مع قريش ، كأن يسلم بآلهتهم ولو يطوف بأصابعه. ويدّعون ان نفسه مالت الى شيء من هذا وقال في نفسه:"وما لو فعلت والله يعلم أني بار".
أو أن هؤلاء الذين نقضوا الصحيفة اجتمعوا بمحمد وجعلوا يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه ويقولون له أنت سيدنا ، يا سيدنا حتى كاد يقاربهم في بعض ما يريدون. إلا أن الله عصم محمدا وأنزل عليه قوله :
"وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا. ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا . وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا. سنة قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا" (3) سورة الإسراء
وفي رواية أخرى أن هذه الآية نزلت في حديث عطاء عن أبن عباس في وفد ثقيف، الذين طلبوا من محمد أن يحرّم واديهم كما حُرّمت مكة شجرها وطيرها ووحشها، فتردد النبي فنزلت .
ويقول هيكل مهما كانت الرواية فإنها تدل على عظمة محمد وصدقه وإخلاصه، وأنه كان يصارح الناس بأنه بشر مثلهم معرض للخطأ لولا عصمة الله.
وفي (4) تيسير التفسير
يقول: ( لقد حاول المشركون من قريش، ومن ثقيف وغيرهم أن يساوموا الرسول الكريم بأن يتساهل معهم في شتم آلهتهم، وبعضهم قال له أن يتمسح بآلهتهم حتى يدخلوا في دينه. وقد تكررت هذه المحاولات، وقاربوا أن يخدعوعك، ولو أنك اتبعت ما يريدون لاتخذوك صديقا ، ولكنك رسولنا الأمين) ولم يذكر في التيسير الرواية الثانية التي ذكرها هيكل في سبب نزول هذه الآيات.

ونتابع في الأسبوع القادم بإذن الله ,,,,

(1)    السيرة النبوية، إبن هشام . الجزء الأول ، ص  379 . ملاحظة لقد ذكرت هذه الحادثة لأنني كنت أتسائل إن  كانت السيدة خديجة مع سيدنا محمد في الشعاب.
(2)    حسين هيكل ، حياة محمد ص 183
(3)    سورة الإسراء . الآيات 73 – 77
(4)    إبراهيم القطان، تيسير التفسير. الجزء الثاني . ص 704

No comments:

Post a Comment