Sunday, February 21, 2016

21 - 2 - 2016


طموح سيدة من غزة 

21 - 2 - 2016 

اليوم الطقس أبرد من الأيام الربيعية السابقة، غيوم تغطي السماء، لا يوجد طبخ عندنا أكل من الأمس. لكن علينا الخروج لشراء الحاجيات لنا وللجيران.
إيجاد موقف في المول ليس مسألة بسيطة، أحيانا تضطر أختي للدروان عدة مرات في المصف لتحصل على مكان يناسبها، بصراحة أنا لا أدخل المصف الذي تحت الأرض عندما أذهب للمول، أضع سيارتي في المصف الخارجي سواء قي الشتاء او الصيف.
من مدة وأنا أريد الكتابة عن مقابلة رأيتها مع طبيبة عربية مهاجرة الى دولة أوربية من خمسين عاما وكنت أؤجلها لكن اليوم رأيت انه من الضروري كتابتها حتى لا أنساها مع إنني كتبت رؤوس أقلام حتى تبقى في ذاكرتي.
تقول الطبيبة وسأسميها عليمة:
في الستينات غادر زوجها مدينة غزة التي كانت تابعة للحكومة المصرية الى ألمانيا لإستكمال دراسته وقال لها سأرسل لك عندما أهيء المنزل لنا لتلتحقي بي، وكان لديهم ثلاثة أطفال ولد وابنتين.
وفعلا بعد عدة أشهر ارسل لها لتلحقه، طالبا منها أن تترك الأولاد عند والدته لأن الناس هناك لا يحبون فكرة الأولاد في الشقة التي اختارها. وسافرت الى ألمانيا وبعد عدة أشهر قامت حرب حزيران وانقطعت أخبار أهلها وأولادها. الزوج طالب لا يمتلك إلا القليل وهي لم تتم تعليمها ولا تعرف اللغة، فقررت أن تعمل في تنظيف البيوت لتصرف على نفسها وعلى زوجها.  وظلت تحاول الإتصال بأولادها عن طريق الصليب الأحمر الى أن تمكنت  من التأكد بانهم على قيد الحياة وتمكنت من جمع مبلغ من المال استطاعت أن ترسله لإحضار إبنها الذي كان يعاني من مرض خطير وبحاجة لعلاج سريع.
وصل الطفل وبدأ العلاج واستمرت في العمل حتى جمعت المبلغ الذي يمكنها من إحضار إبنتيها.
وفي هذه الأثناء حصلت على وظيفة مساعدة ممرضة في الليل من السابعة مساء حتى السابعة صباحا. وكانت تعود للبيت صباحا تعد الطعام لعائلتها  وترعى شؤون أولادها وبيتها ثم تذهب لدراسة المختبرات الطبية واستمرت على هذا المنوال ثلاث سنوات. الى أن انهت الدراسة وأصبحت تعمل في الفترة الصباحية فقط.
وظل إبنها بتردد على المستشفى بانتظام يأخذ العلاج ، إذ كان بحاجة لتغيير دمه كل أسبوع وعاش حتى بلغ الواحدة والعشرين من عمرة واعتبر الأطباء بقاءه على قيد الحياة لهذه السن معجزة.
 واستمر زوجها يتابع دراسته لمدة ست سنوات وبعد أن أنهى دراسته وبدأ يعمل طبييا قررت هي أنه  قد حان الوقت لتحقق أمنيتها وتتابع دراسة الطب.
وبدأت في  دراسة الطب ولكن بعد الفصل الأول اضطرت للإنفصال عن زوجها لقيامه بعمل مشين لا داعي للخوض به. وبمساعدة أخيها الذي كان يعيش في ألمانيا طلقت زوجها. ثم اكملت دراسة الطب وأصبحت من أشهر الطبيبات في اختصاصها.
وتزوجت بناتها ورأت أنها يجب أن تعمل شيء من أجل بلادها فأسست جمعية تقوم بترتيب لقاءات بين  الطلاب الألمان والعرب من فلسطين واليهود من فلسطين المحتلة ليتعرفوا على القضية الفلسطينية واختارت أن تكون أعمارهم بين 12 – 18 أي قبل أن يذهبوا للتجنيد الإجباري بالنسبة للطلبة اليهود القادمين من فلسطين المحتلة.
في الحقيقة أعجبت جدا بمسيرة هذه المرأة العربية الأصيلة المكافحة والتي صنعت مستقبلها ومستقبل أبنائها ولم تقف عاجزة بعد طلاقها بل واصلت دراستها وأصبحت طبيبة وناشطة مهتمة بقضية بلادها.  


No comments:

Post a Comment