Friday, February 12, 2016

السيرة النبوية






  السيرة النبوية  - 3 - 


يقول الكاتب  محمد حسين هيكل ، ان محمد (صلعم) حين رافق عمه الى الشام رأى الحدائق الغناء والتي*" تبدت له جنات الى جانب جذب الصحراء المقفرة والجبال الجرداء حول مكة". وعرف عن الروم وكتابهم ومناوأة الفرس من عباد النار لهم. ومع أنه أنه كان في الثانية عشرة من عمره إلا أن رجحان عقله ودقة ملاحظته وقوة ذاكرته جعلته ينظر الى ما حوله ومن حوله نظرة الفاحص المحقق ولا يقنع بكل ما يسمع ويرى ويتسائل بينه وبين نفسه" أين الحق في كل هذا."
و لم تكن تجارة أبي طالب مربحة ، فقنع بحظه ولم يقم بأي رحلة أخرى. وظل محمد (صلعم) مع عمه يخرج مع أهله الى الأسواق المجاورة في الأشهر الحرم ، كسوق عكاظ ويستمع لأصحاب المعلقات والمذهبات. والى خطب اليهود والنصارى ودعواتهم الى ما يعتقدونه الحق.
وشارك في حمل السلاح في حرب الفجار. وسميت حرب الفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم. إذ كان النعمان بن المنذر يريد إرسال قافلة من الحيرة الى عكاظ، فعرض البراص بن قيس الكناني أن يقود القافلة، وعرض عروة الهوازني نفسه كذلك. فاختار النعمان عروة. فغضب البراص وتبعه وقتله وأخذ القافلة.
فقامت هوازن تأخذ بثأرها من قريش واقتتلوا ، واستمرت الحرب أربعة أعوام . ولكن الحرب لم تكن تستغرق إلا أياما من كل عام. وكان العرب يعودون إلى أعمالهم وتجارتهم ولهوهم دون أن تترك الحرب في نفوسهم المرارة. ويقال أن مشاركة محمد (صلعم) كانت بجمع السهام. وفي رواية أخرى وبما أن الحرب استمرت اربعة أعوام فمن الممكن أن يكون قد شارك في رمي السهام في العام الرابع بعد أن بلغ العشرين.
وفي كتاب الأغاني ** أن محمد (صلعم )شهد الحرب وكان يناول أعمامه النبال وله اربع عشرة سنة حسب قول أبو عبيدة. وقال غيره بل شهدها وهو إبن ثمان وعشرين سنة.
وشعرت قريش بعد حرب الفجار أنها أصبحت مطمع العرب بالإضافة الى موت هاشم وعبدالمطلب. فاجتمعن بنو هاشم وزهرة ، وتيم في دار عبدالله بن جدعان وتعاهدوا ليكونن مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه. وقد حضر محمد (صلعم) هذا الحلف الذي سمي حلف الفضول.
وسنتابع في الأسبوع القادم تجارة محمد (صلعم) مع خديجة بنت خويلد ثم زواجهما.


* حياة محمد، محمد حسين هيكل ص 115
** كتاب الأغاني ، أبي الفرج الأصفهاني . الجزء 19 ص 75 

No comments:

Post a Comment