Saturday, February 27, 2016

27 - 2- 2016







بين المدارس الحكومية والخاصة 

27 -2 -2016

قرأت اليوم رسالة أرسلها طالب في الصف السابع لرئيس الوزراء يشرح فيها أوضاع المدارس الحكومية حيث انتقل حديثا اليها بعد أن أمضى القسم الإبتدائي وبداية الإعدادي في المدارس الخاصة.
إلا أن الوضع المالي المتدهور لوالده أرغمه على نقل إبنه الى المدرسة الحكومية. ويحكي الشاب عن معاناته مع الوضع الجديد:

يتكلم في البداية عن الحمامات، ولقد تذكرت رأسا منظر الحمام عندما حاولت الدخول إليه عندما انتقلت أنا بخاطري الى المدرسة الحكوميه. بصراحة لا أعرف كيف أصفه الآن ، بلا مبالغة" كانت الأوساخ  كتل ،كتل في أرضية الحمام، والرائحة لا تحتمل. أذكر أنني رجعت الى الخلف وأغلقت الباب وكانت هذه آخر مرة أفتح باب الحمام."  بمعنى آخر أن الوضع بعد أكثر من خمسين عاما لم يتحسن.

ثم يتحدث عن البرد الشديد في المدرسة لعدم وجود تدفئة،  يقول الشاب الصغير إنه كان يجلس في المدرسة بالقميص فقط . استرجعت ذكريات البرد، أصلا لم نكن نحلم بخلع المعطف طوال فصل الشتاء طوال النهار في المدرسة.

ثم يحكي بحرقة  عن الإستهزاء الذى لاقاه من زملاءه عندما طلب منه الأستاذ خلع الإسورة الخاصة بالنادي الذي يشجعه، وكيف أصبحوا يطلقوا عليه لقب (طانط) بسبب الإسورة. وتذكرت أيامنا لم نكن نجرؤ على إرتداء أي حلية غير الساعة.

 يقول إنه لم يعد في استطاعته التركيز بالفصل خوفا من صفعة من المعام  لأن أستاذ الجغرافيا يصفع الطلاب المشاغبين. وتذكرت لم قررت ترك المدرسة الخاصة الى الحكومية، فلقد كانت معنا  في الفصل إبنة رئيس المدرسة وإبنة الآذنة. وكنت ألحظ الفرق في المعاملة بين الطالبات، فإبنة رئيس المدرسة كانت المدللة من كل المعلمات ، توجه الأسئلة لها ، ولا أحد يؤاخذها إن لم تعرف الإجابة. ويا ويل إبنة الآذنة إذا أخطأت. ولا أنسى اليوم الذي ضربتها به المعلمة حتى أوقعتها على الأرض. طبعا لا أذكر الخطأ الذي ارتكبته، ولكن مهما كان فهو بالتأكيد لم يكن يستدعي ذلك الضرب المبرح. وربما هذه الحادثة التي جعلتني أقرر الإنتقال الى المدرسة الحكومية.

وبصراحة كان التدريس في مدارس الحكومة تلك الأيام من أحسن ما يكون، وكانت المعلمات من المتفوقات في المدارس والمبتعثات إما لدار المعلمات في رام الله ، أو من خريجات الجامعة السورية في دمشق أو الجامعة الأميريكية في بيروت والقاهرة.

لا يمكن أن تتحسن أوضاع المدارس الحكومية إذا لم  تتغير المناهج وتتحسن أوضاع المعلمين، بزيادة الرواتب  ،  و إعادة تأهيلهم بالمزيد من الدورات الدراسية التي تؤهلهم للتعليم. فليس كل خريج قادر على التعليم. وكما قال مؤسس سنغافورة  لي كوان:"
أنا لم أقم بمعجزة في سنغافورة، أنا قمت بواجبي نحو وطني، فخصصت موارد الدولة للتعليم وغيرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة الى أرقى طبقة في سنغافورة، فالمعلم هو من صنع المعجزة".

هذا ويجب  أن تجبر وزارة التربية والتعليم  إدارات المدارس على الإهتمام أكثر بنظافة المدارس ، ولا أرى أي مانع من ان تتشكل لجنة من الآباء والأمهات في كل مدرسة تشرف مع الإدارة على نظافة المدرسة ، وأن يساعد في ذلك الطلاب. إذ في ظل الظروف الراهنة وشح الميزانية ، يجب ان يتساعد المجتمع المدني  مع الحكومة ولا  يجب أن يقتصر دورنا على النقد وتعداد  السيئات .
عزيزي الطالب االحزين من وضعه الحالي، يجب أن تتأقلم على الوضع الحالي،  فمعظم رجالات البلد الذين ,وصلوا أعلى المراكز في الدولة كانوا من خريجي المدارس الحكومية في العصر الذهبي للتعليم والتربية في الأردن . وعدد لا يحصى من المعلمين والمعلمات كان لهم دور كبير في تأسيس الكثير من المدارس في دول الخليج في الخمسينات . ومن المتوقع  أن ترى في العام القادم المزيد من زملائك يرتادون نفس مدرستك هذه مع تردي الأوضاع الإقتصادية والسياسية.

وملاحظة صغيرة عزيزي الطالب ، أؤكد لك إننا في العصر الماضي كان أولاد وبنات المسؤولين يدرسون في المدارس الحكومية. وكان الذي يفشل في الدراسة يرسله أهله/أهلها الى المدارس الخاصة.



No comments:

Post a Comment